نص لميس البيك






ذات مرة أخبرني صديق وزميل -ممارس ثقافي مستقل- في أحد الاجتماعات أن «المؤسسات تتكون أيضًا من أفراد». في حين أن الكلام واضح ولا يمكن إنكاره، يمكن التشكيك فيه -أنماط النقد المؤسسي الغربي قامت برسم المؤسسات في خيالنا كحصون من الأنظمة لا يمكن الوصول إليها بشكل ميؤوس منه. في مكان به أقل قدر من الإنتاج الثقافي المؤسسي، أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في هذا التصور والثقة بشكل أكبر في قدرات الفنانين على التسلل، إذا صح التعبير، نحو هذه الهياكل. ا


بدأت في كتابة هذا المقال للإجابة على سؤال: ماذا تريد المؤسسات من الفنانين؟ لكني أريد أن أغتنم هذه الفرصة للتفكير فيما وراء هذه الثنائية المضادة. تتكون المؤسسات الفنية من أفراد يرغبون في جعل الفن ممكن. يجب على السؤال أن يكون: ماذا يريد الفنانون، بشكل جماعي، من مجموعة منظمة بشكل جماعي من الممارسين المبدعين؟

قد يبدو هذا وكأنه حبل من الأفكار المجردة يجب اتباعه مقارنة بالسؤال الذي تلقيته، لكن لا داعي لأن يكون كذلك. إن التفكير في المؤسسات كمجموعة من الناس من شأنه أن يؤثر على كيفية تعامل الفنان مع المؤسسات. تود التقديم للحصول على منحة؟ فكر في لجنة التحكيم التي تقرأ استمارة التقديم كمجموعة من الأفراد، وليس ككتلة مجهولة الهوية من اللوائح والبيروقراطية. استمارة التقديم هي دعوى لإقناع مجموعة من الأفراد بأنهم يريدون العمل معك على تحقيق ما تريده.؟


فكر في الدعوات المفتوحة على أنها بداية نقاش. نص الدعوة المفتوحة هو أول بريد إلكتروني يطلب منك شيئًا ما. هل أنت مهتم بـ أ وب وج؟ ما الذي قد تكون مهتمًا بفعله إذا تم إعطاؤك الموارد؟ ما مدى أهليتك لفعل هذا الشيء؟ وكيف ستفعله؟ هذه هي الأسئلة المعتادة، ولكن تمامًا كما في النقاش حيث تستمع إلى الكلمات التي يقولها الشخص الآخر وتبدأ بشكل طبيعي في العثور عليها في خطابك، انتبه إلى المصطلحات المستخدمة في الدعوات المفتوحة. فالمؤسسات المختلفة لها أولويات مختلفة. هل أنت بحاجة لطرح سؤال؟ تفضل! راسلهم بالبريد الإلكتروني أو اتصل بالمكتب. قد لا تحصل على إجابة إذا كان برنامجًا كبيرًا، ولكن قد تجد أيضًا شخصًا على الخط الآخر يمكنه مساعدتك.ا


هذا، مثل أي تحول آخر في المنظور والممارسة، قول أسهل من فعله، لأن المتغيرات التي تدخل الصورة لا تعد ولا تحصى. إن استثمار الطاقات التنظيمية والإبداعية في مكان العمل مرهق. في الواقع، الأفراد ليسوا دائمًا كرماء ومهتمين، والهيكل المبني في ظل اقتصاد إنتاجي رأسمالي يعير اهتمامه فقط لمظاهر الدعم المجتمعي. لكن هذا التحول يسمح لنا بطرح سؤال جديد: كيف يمكننا كأفراد -سواء العاملين في المؤسسات أو الممارسين المستقلين- أن ندعم بعضنا البعض باستخدام القوة التي تستعيرها المؤسسات دون إعادة إنتاج ضررها؟

للتفكير بشكل أفضل في هذا الأمر، سأبدأ بتحديد نوع المؤسسات التي أستخدمها في هذا التمرين الفكري. فأنا أعمل في الإمارات العربية المتحدة، وتركز تجربتي بالتأكيد على القطاع غير الربحي لبيئة الفن هنا. سأركز أفكاري على مؤسسات العرض والمنح أثناء عملها في هذا السياق، سواء كانوا يعملون على جمع الفن أم لا.؟


بعد أسابيع قليلة من عملي الحالي كمديرة برامج بمؤسسة فنية في أبو ظبي، حضرت مكالمة جماعية مع متخصصين برمجة آخرين في المؤسسات النظيرة حيث حاولنا جميعًا تعريف زميل جديد على البيئة الفنية الإماراتية. بقيت هادئًة لمعظم الوقت -لم أكن على دراية بالوجوه الأخرى في هذه الغرفة بعد، وكانت شبكة الإنترنت غير مستقرة. ظننت أنه يمكنني في الغالب أن أظل في الخلفية أثناء هذه المكالمة حتى تم طرح موضوع تأشيرات الفنانين، فقام زميل من مؤسسة أخرى باستخدام حالتي لإثبات نقطة: «لو كان بإمكانك أن تكوني فنانًة بدوام كامل، لما كنتي معنا هنا». ا


من المؤكد أن هناك افتراضًا شائعًا بأن الفنانين العاملين، على عكس غيرهم من الممارسين العاملين بالمؤسسات، يعملون فقط في مؤسسة لأنهم لا يستطيعون إعالة أنفسهم من خلال ممارساتهم الفنية. أجد هذا تبسيطًا مفرطًا للسياق الذي يعمل فيه الفنانون، ولكنه أيضًا فصل عرضي لأهليتنا وخبرتنا كفنانين وعاملين بالمؤسسات. أعتقد أنه حان الوقت لإجراء نقاش أكثر شفافية حول الفنانين في المؤسسات الثقافية، في الإمارات العربية المتحدة وخارجها.؟

إنه نقاش صعب لأن كلتا المجموعتين تميلان إلى الاحتفاظ ببعضهما البعض داخل حدودهما المعروفة، وفي بعض الحالات يتم إنشاء هياكل مؤسسية كاملة على هذا الفصل التام. في المناصب السابقة التي شغلتها، لم يكن المفترض من عملي كفنانة أن يستنزف وقتي من التاسعة إلى الخامسة فحسب، بل شعرت بأنها طريقة وقائية -الطاقة التي أبذلها في الوظيفة اليومية كانت منفصلة عن تلك التي أبذلها في ممارستي الفنية. بدا التقسيم سهلاً وبسيطًا، فقد سهّل لي أن أغادر بعد الخامسة مساءً، للحفاظ على الربيع كموسم للعمل المكتبي والصيف كموسم لممارستي الفنية. فقد سهّل لي أيضًا عدم التفكير كفنان في العمل، ولكن كمورد للاستخراج -للعمل ضمن الهيكل الذي تم إعداده لي كموظفة: الفنان كعميل، وعملي كشيء قابل للاستبدال والتكرار، ونفسي التي يمكن الاستغناء عنها إذا لم أضف قيمة نوعية لهذا المكان. هذا يعني أنني أستطيع أن أعمل، ولكن ليس بروح. يمكنني إعطاء ساعات، ولكن ليس الطاقة.؟

وهكذا شعرت بالحماية. لقد كان شيئًا دفعت من أجله وأعيد إنتاجه. وقد انعكس أيضًا على كيفية تعامل القيمين الفنيين مع أولئك منا الذين يضعوا قبعات مختلفة، إذا التقوا بنا أولاً كفنانين أو كممارسين عاملين بالمؤسسات. يتواجد الممارسين العاملين بالمؤسسات في هذه البيئة فقط لخدمة «الطبقة الإبداعية». ومن المتوقع أن تكون مداخلاتهم إدارية وتسهيلية. وبالتالي فقد ساعد هذا في الحفاظ على ذلك الانقسام -وجدت نفسي فقط أكشف عن ممارستي الإبداعية في مناسبات نادرة، وبالتالي أكبح أي من مداخلاتي أثناء عملي المؤسسي -لما أتخيله هو إحباط العديد من «العملاء» الفنانين.؟


أثناء الإجازة من الدراسات العليا، كنت أتناول الغداء مع مديريتي السابقة وأخبرها أنني لا أرى نفسي أتخلى عن العمل المؤسسي حتى وأنا متفائلة بشأن نمو ممارستي. عندما سألتني عن السبب، كان علي أن أفكر في الأمر لثانية. كان من السهل قول «لأنني بحاجة إلى إقامة». وتنطبق هذه الإجابة بالنسبة لي سواء في الإمارات أو في أي مكان آخر في العالم. كان من الممكن أيضًا أن تكون اجابة صحيحة، وستظل صحيحة في الغالب. بصفتي لاجئة فلسطينية، فإن استقراري مرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرتي على أن أكون منتجة، ولكن يمكنني أيضًا رؤية الأصدقاء والزملاء قادرين على تحقيق هذا الاستقرار دون العمل المباشر بالمؤسسة -على سبيل المثال، تأشيرات العمل الحر ليست بعيدة المنال كما كانت من قبل، ولكن كان هناك شيء آخر. انتهى بي الأمر بالإجابة: «لأنني أريد أن أكون جزءًا من شيء أكبر مني». ا


يستمر الفنانين في حماية ممارساتهم من أصحاب العمل ونظرة عالم الفن الذي لا يفضل الفنانين العاملين، مما يغذى وجهة نظر استخلاصية للمؤسسات -كمساحات للبيروقراطية والإنتاج وحتى الحكم الأخلاقي. مفاهيم مبنية على اقتصاد النقص بدلاً من الكرم، ماديًا وفكريًا، والأهم من ذلك: فيما يتعلق بالرعاية.؟

في نقاشات سابقة مع الأصدقاء، ظهر سؤال مهم: ماذا نريد كفنانين من المؤسسات؟

هل أن يتم وضع نهاية كلية لها؟ ربما تحتاج أنواع معينة من المؤسسات إلى ذلك، ربما لا، أو ربما لا تحتاج إلى ذلك كليًا. هل يمكننا النظر إلى المؤسسات على أنها أكثر من مجرد كتل متجانسة ومتراصة من الحجر الصلب، وبدلاً من ذلك كمساحات منظمة (يحتمل أن توفر الرعاية) تتكون من أفراد؟ هل هذا ممكن مع مستوى التعتيم الذي يرتبط في الغالب بطريقة عمل المؤسسة، وهل هذا ممكن مع وجود قيود ولوائح تُفرض على مجموعات من الأفراد ينظمون أنفسهم معًا ليصبحوا مؤسسة؟

لا أعرف ما إذا كان الأمر كذلك، لكنني أعتقد أنها مهمة تستحق السعي نحوها، وتبدأ من اتجاهات متعددة. يبدأ الأمر بإقرار العاملين في المؤسسات بأنهم جزء من علاقة تكافلية مع العاملين المبدعين -لا ينبغي للمؤسسات أن تقدم خدمات، بل يجب أن تقدم مساحة ورعاية. يتعامل الممارسون الإبداعيون مع العاملين في المؤسسات على أنهم أكثر من منظمي الإنتاج الثقافي، ولكن يتعاملون معهم كرفاق وعاملين مبدعين وممارسين لديهم نفس القدر من الاهتمام في مجتمع من الفنانين ذات قوة وكرم.؟




ميس البيك فنانة فلسطينية لديها ممارسة متعددة التخصصات، ومديرة البرامج في «معرض٤٢١»، وهو مركز إبداعي في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة. في ممارستها، تستكشف ثلاثية المكان والجسد واللغة من خلال الفيديو والنحت والتركيب، بجانب استكشاف الأساليب التعاونية للإنتاج الفني. في «معرض٤٢١»، تركز على البحث ووضع وتنفيذ الرؤية الأوسع للبرامج التي تعطي الأولوية لاحتياجات المجتمع الإبداعي، بينما تعمل نحو طريقة عمل أفقية داخل المؤسسة. حصلت ميس على ماجستير في الفنون الجميلة من «مدرسة رود آيلاند للتصميم»، وبكالوريوس العمارة من «الجامعة الأمريكية في الشارقة».ا

ا


 🇵🇸 We Will Not Stand by in Silence: ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories ✦ 🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction ✦  🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate.
🇵🇸We Will Not Stand by in Silence:  ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction  ✦  🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate.