نص لأحمد شوقي حسن






الجزء الأول: الطريق إلى المتحف
٠١:٠٠ مساءًا


كم اسعدني رؤية بوابة دخول الأفراد مفتوحة.ا

تلك البوابة الرئيسية لساحة دار الأوبرا المصرية الموجهة لكوبري قصر النيل، فتابعت الحركة إليها مسرعًا. وفي لحظة ومن حيث لا أعلم ظهر شخص من ورائها يعترض طريقي قائلًا:ا

ممنوع يا أستاذ؟—
أنا داخل متحف الفن الحديث.ا
البوابة التانية. ا
بقول لحضرتك أنا داخل المتحف ده. ا

كرر الرجل قوله وهو في وضع متخشب ونظرة مجردة لعينان تبدو متجمدتان: ا

البوابة التانية يا أستاذ. ا
طب فين البوابة التانية ديه؟—
كمل على نفس الصف هتلاقيها على بعد مية متر. ا


ومن دون الخوض في مزيد من الجدال أسرعت بالمشي متجهًا نحو باب دخول نقابة الفنانين التشكيليين - المبنى المجاور للمتحف من ناحية كوبري قصر النيل. وحين وصلت إليه وجدته كما توقعت مغلق ولا يبدو هناك أحد خلفه. ا


ليس أمامي الآن سوى الدخول من بوابة الهناجر وهي الأبعد. كنت متعجل الخطوات، أخشى أن يمضي الوقت وتقترب الرابعة عصرًا (موعد إغلاق المتحف) من دون أن تكتمل جولتي المتحفية. على أي حال، كان من الخطأ قدومي متأخرًا هكذا، فمتحف بهذا الحجم بما يحتويه من أعمال وتاريخ لن تكفيه جولة مدتها ثلاث ساعات فقط. ا


دخلت من بوابة الهناجر عائدًا منها ناحية كوبري قصر النيل، هكذا أصبح المتحف أمامي على اليسار. وبعد أمتار قليلة أصبح لا يحجبني عنه سوى سور خشبي مؤقت يقوم العمال بطلائه، فقد تم استحداثه بمناسبة إقامة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثالثة والأربعون الذي اكتشفت توًا أن حفل افتتاحه سوف يقام غدًا الجمعة ٢٦ نوفمبر ٢٠٢١. وبسؤالي لأحد العمال علمت أن السور أنشئ في الأيام القليلة الماضية بهدف حجب المتحف وجمهوره عن مراسم وفعاليات السجادة الحمراء، ومسرح النافورة الذي تم بناءه في الفضاء الواسع أمام المتحف لاستقبال حفلات الدورة الثلاثين من مهرجان الموسيقى العربية. ا


قررت قبل دخولي للمتحف أن أنتظر قليلًا في ساحته الأمامية أتأمل معمار هذا البناء ذو الواجهة المستطيلة الهجينة للطابعين المعماريين: الإسلامي والآرت ديكو (العمارة العصرية الأشهر في فرنسا ذلك الوقت)، وكيف تحول إلى متحف للفن الحديث في مصر١؟



الجزء الثاني: لقاء مع مديرة المتحف
٠١:٤٦ مساءًا


التقيت بالأستاذة إيمان نبيل مديرة المتحف التي بكرم وسخاء استضافتني بجولة أجرينا خلالها عدة نقاشات جاءت أبرز نقاطها على النحو التالي: ا

أ.ش.حسن: في بداية جولتنا هل سنتبع مسارًا حركيًا طبقًا للتصميم المعماري للمبنى أم على حسب ترتيب الأعمال المعروضة وفقًا لمنهجية عرض محددة؟

إ.نبيل: في الأول، بخصوص عمارة المتحف، المبنى ده ما كنش فيه أصلًا دور تاني، ولكن تم استحداثه مخصوص أول ما أصبح متحف. وهو مقتطع من الدور الأرضي، ونفس الكلام الشكل الرخامي اللي في نص المتحف ده. في الدور الأرضي تم ترتيب الأعمال الفنية طبقًا لتاريخ ميلاد طليعة الفنانين الحداثيين في مصر، بداية من الفنان جورج صباغ (١٨٨٧-١٩٥١) وهو الفنان الأكبر سنًا في المتحف إلى الفنانة تحية حليم (١٩١٩-٢٠٠٣). ا

في أثناء عملية إعادة افتتاح المتحف الأخيرة، تم التعامل مع ترتيب الأعمال بطريقة مرنة إلى حد كبير. يعني بعض الأعمال كسرت الحاجز الزمني نظرًا لتنوع تجربة وطول عمر صاحبها، لكن مع مراعاة الحد الأقصى وهي ثلاث أعمال للفنان الواحد. والأمر ده محكوم بحجم المتحف لأنه بيحتوي على أكثر من ٧٠٠ فنان و٩٠٠ عمل فني معروض. ا

كانت هناك اعتبارات أخرى داخل الترتيب الزمني للأعمال. لم يكن ترتيب تصاعدي صرف، بل فيه أعمال تجاورت في العرض طبقًا للعلاقة بين ألوانها وأحجامها وموضوعاتها. بينما أخرى طبقًا لتزامل فنانيها أو اشتراكهم معًا في حركة فنية واحدة، أو جمعت بينهم علاقة شخصية نتج عنها تأثير ملحوظ في الإنتاج الفني. ا


اضطررنا للتحرك إجباريًا حول بناء رخامي مخصص لعرض النحت والخزف، تشترك حدوده الخارجية مع جدران الدور الأرضي في تشكيل ممر رئيسي بينهما ليعبر منه الجمهور. في الوقت ذاته يتمتع هذا البناء بحضور طاغي، ويصعب إدراكه كليًا من الدور الأرضي. أتوقع أنه لا يمكن إدراك أبعاده كاملةً إلا بمشاهدته من شرفة الدور الثالث. ترسمه مجموعة من المصاطب الواسعة المكسوة برخام الجلالة. وعندما تجولت بداخلها، شكلت هي الآخرى لحركتي مسارًا اجباريًا يبدو لوهلة أنه مستوحى من إحدى النجمات الإسلامية التي تميزت بها العمارة الداخلية للمبنى. لكنه في الواقع ليس كذلك!  ا


أ.ش.حسن: عندي استفسارات بخصوص أسباب وجود هذا البناء، وإيه مدى ضرورته من عدمها بالنسبة لعملية التقييم الفني أثناء العرض؟

إ.نبيل: قيل أنه عندما انتقل المتحف إلى هذا المبنى قام الدكتور أحمد نوار (الرئيس الأسبق لقطاع الفنون التشكيلية) بتصميمه بنفسه وفقًا لرؤيته الخاصة في عرض الأعمال النحتية والخزفية، أو لهذا السبب تم استخدامه منذ ذلك الوقت. ا

أ.ش.حسن: لاحظت أن معظم الأعمال الفنية المعروضة في المتحف لفنانين مصريين فقط باستثناء بعض الأسماء الأرمينية. وده مخالف لمعرفتي عن تاريخ نشأة المتحف اللي بدء باقتناء مجموعة من أعمال الفنانين المصريين والأجانب العارضين في «صالون القاهرة» التابع لـ«جمعية محبي الفنون الجميلة». ليه ما فيش أعمال لفنانين أجانب في حين وجود بعض الأعمال لفنانين من الأرمن؟

إ.نبيل: أيوة، إحنا عندنا هنا في المتحف أعمال لخمس فنانين أرمن: سيمون سامسونيان (١٩١٥-٢٠٠٣)، هاجوب هاجوبيان (١٩٢٣-٢٠١٣)، سيمون شهركيان (١٩١١-١٩٨٩)، لمباردي (تاريخ الميلاد والوفاة مجهول)، أشود أزوريان (١٩٠٥-١٩٧٠). ودول يا إما أخدوا الجنسية المصرية أو فضلوا موجودين في مصر ما خرجوش. ا

أما تاريخيًا لأ، مش بس عندنا أعمال فنانين اجانب عارضين في مصر، ولكن كمان مقتنيات من فنانين أجانب بره مصر، يعني مثلًا كان عندنا تمثال للفنان الفرنسي رودان (١٨٤٠-١٩١٧). لكن على خطى القومية في السبعينيات، تم فصل ده عن ده وأصبح المتحف للفن المصري الحديث فقط. وبعدين تم تجميع أعمال الفنانين الأجانب في «متحف الجزيرة» (الذي كان يسمى سابقًا متحف الحضارة أو القبة السماوية أو متحف فؤاد الأول) الموجود في منطقة الجراج بساحة الأوبرا، والمتحف ده قيد التطوير حاليًا ومن المنتظر افتتاحه قريبًا. ا


في أثناء جولتنا في الدور الأرضي استوقفني تجاور لوحتين للفنانين حسن محمد حسن (١٩٠٦-١٩٩٠) ورمسيس يونان (١٩١٣-١٩٦٦). الفارق بينهما شديد التباعد من حيث الأسلوب وطريقة التفكير وتاريخ الإنتاج. ا


أ.ش.حسن: ما الداعي لوجود هاتان اللوحتان متجاورتان؟ ده بيخليني أحب أعرف أكتر عن طبيعة المنهج اللي تم ترتيب وتنسيق وتقييم المقتنيات من خلاله؟ وايه مدى مسؤوليتك كمديرة للمتحف في تطبيق ذلك؟

إ.نبيل: عاوزه اوضح نقطة، مش أنا شخصيًا... ا

فكرة الاختيار الزمني ديه كانت قرار «لجنة توصيف الأعمال»٢، وديه لجنة موجودة من الأول قام بتشكيلها رئيس قطاع الفنون التشكيلية بدعوة أعضاء من كليات فنية مختلفة. وعندما أعيد افتتاح المتحف في نوفمبر ٢٠٢٠، قامت اللجنة ديه باختيار الأعمال الموجودة حاليًا في العرض المتحفي. ا

أنا ما كنتش موجودة وقت ما ده حصل، أنا جيت في مرحلة متأخرة من عمل اللجنة كوكيلة المتحف لشؤون التجهيزات الفنية والعرض، يعني التنسيق الفني كان مسؤوليتي بالأساس. وبعدين انا والفنان طارق مأمون (المدير السابق للمتحف) اشتركنا في تنسيق الشكل النهائي للعرض وفقًا لسلسلة من النقاشات والتجارب العملية المباشرة. ا

أ.ش.حسن: طيب بمناسبة الموضوع ده، أحب أعرف منك أكتر عن طبيعة دور القيِّم الفني وإيه مدى صلاحياته هنا في المتحف؟

إ.نبيل: كلمة القيِّم الفني مش موجودة هنا بالشكل اللي انت متخيله، ينقصنا منها فقط الجزء البحثي. بمعنى إن وظيفة القيِّم الفني متوزعة بين ستة أمناء من بينهم وكيلتين (لشؤون العرض، وشؤون الأمناء). والأمناء جميعهم مسؤولين عن حفظ ومراجعة الأعمال الفنية سواء المعروضة أو في المخازن. وده عمل مش بسيط لأن في اللحظة اللي احنا واقفين فيها دي المتحف موجود فيه ١٢,٠٠٠ عمل فني، منهم ٩٠٠ عمل في العرض والباقي في المخازن. بخلاف حوالي ٥,٠٠٠ عمل مُعار ودول مسؤول عنهم موظفين آخرين في الشؤون الإدارية داخل المتحف. ا

أ.ش.حسن: من وقت احترافي مهنة الفن بشوف إن فيه انشغال عام لدى شباب الفنانين في مصر بأن يحظوا بفرصة عرض أعمالهم داخل هذا المتحف زي كثير من متاحف الفنون في العالم. خصوصًا أن المتحف هنا فيه قاعة للعروض المتغيرة، فما هي طبيعة العروض التي تقدم في هذه القاعة؟ وهل هناك إمكانية عرض ممارسات فنية معاصرة مثلًا؟ وفي حالة إمكانية حدوث ذلك، إيه هي الآليات المقترحة التي يجب على الفنانين اتباعها للحصول على فرصة عرض في تلك القاعة؟

إ.نبيل: بالفعل فيه عروض متغيرة بتحصل جوة المتحف، إما معارض نوعية لها موضوع محدد وبالتالي بِنطَلَّع مجموعة أعمال من المخازن تناسب هذا الموضوع أو معارض عن فنان معين، بنقدم له عرض خاص له لوحده، مثلًا في عيد ميلاده أو ذكرى وفاته. في الآخر بتكون العروض في سياق المتحف. إذا كنت عاوزه اعمل عرض متغير يبقى من شغل المتحف نفسه، لكن إيه المبرر إن أشيل العرض المتحفي وأعمل بينالي مثلًا. كده انا بستغل المبنى كقاعة عرض وليس كمتحف. لأن المتاحف ليها أهداف مختلفة فهي أرشيف بيعرض الفن، وبيحافظ على التراث، وبيعيد تقديمه، وطرح أسئلة عنه طول الوقت. وده دور المتحف كمؤسسة تعليمية، وليس كقاعة عرض متغيرة لها سياسة تانية وأهداف تانية لكن مغايرة تمامًا لسياق المتحف. وبعدين الأعمال الفنية المتحفية ليست بصلابة الأعمال الفنية حديثة الإنتاج وده بيأثر على شيلها وحطها، واحنا ما عندناش الإمكانات المناسبة لده. على العموم استمرار نشاط «قاعة أبعاد» (قاعة العروض المتغيرة في المتحف) مش مضمون لأن فيه احتمال إننا نستضيف فيها «متحف إنجي أفلاطون» لأنهم حاليًا عندهم مشكلة. ا


جاء الرد على هذا السؤال مفاجئ إلى حد كبير. كنت أتوقع أن تأخذني تلك الإجابة إلى خطة مستقبلية محتملة ربما تقتضي تطبيق آليات لإقامة عروض للفنانين بمختلف أعمارهم. لذلك قبل سماع الإجابة تبادر إلى ذهني أسئلة أخرى أكثر تفصيلًا عن إمكانية شرح وتفنيذ طرق تقديم الفنانين للحصول على فرصة عرض في المتحف. ا


أ.ش.حسن: أعتقد أن المتحف يُعتبر الوحيد في مصر اللي ما زال بيستقبل مقتنيات حديثة الإنتاج من أعمال الفنانين بمختلف أعمارهم إلى عامنا هذا. لذلك كان وما زال دائمًا هناك طموح متجدد أيضًا عند الفنانين أن يحظوا بفرصة اقتناء من المتحف لأعمالهم. لأن الأمر ده ببساطة بالنسبة لفنان شاب مثلًا يعني له الكثير خصوصًا في وقت ندرت فيه حركات النقد والأرشفة. لذلك حابب افهم منك اكتر عن الاقتناء المتحفي، بمعنى أنه كيف يتم اختيار الأعمال؟ أو إيه هي معايير عملية الاختيار؟ ومن هم الأشخاص المكلفين بهذه العملية؟

إ.نبيل: موضوع الاقتناء ده يرجعك إلى تاريخ تأسيس المتحف، والذي تأسس بناء على دعوة سابقة من محمد محمود خليل لاقتناء أعمال الفنانين من صالون القاهرة. ومن هنا بدأت تتكون نواة المتحف إلى أن تحولت إلى لائحة داخلية تخص المتحف ذاته. يعني يتم عملية شراء ما لا يقل عن مائة عمل فني بميزانية متجددة سنويًا، وهذه اللائحة مستمرة إلى اليوم. الأمر دلوقتي أصبح أكتر تعقيدًا من الماضي، لكن هحاول اشرح الموضوع ده بشكل مُبسط. ا

حاليًا فيه لجنة مُشَكَّلة في المجلس الأعلى للثقافة اسمها «لجنة الفنون التشكيلية». اللجنة ديه متفرع منها مجموعة لجان فرعية، إحدى اللجان ديه تسمى «لجنة المقتنيات»، يترأسها رئيس قطاع الفنون التشكيلية. ولأن المبلغ المقرر لعملية الاقتناء بييجي من ميزانية القطاع، ففيه موظف بيحضر اجتماعات اللجنة ديه من إدارة في القطاع تسمى «إدارة المقتنيات». وديه من اختصاصها تخليص الجانب المالي والإداري لعملية الاقتناء، بالإضافة إلى أنها بتقوم باستقبال الأعمال المقدمة من الفنانين الراغبين في اقتناء المتحف لأعمالهم. بمعنى إن أي فنان من حقه يقدم سي-دي عليه شغله أو معارضه لـ«إدارة المقتنيات»، وبعدين تعرض على «لجنة المقتنيات» في المجلس الأعلى للثقافة وهي بتختار وتقرر. ا

الطريقة الثانية للاقتناء، هي ان بعض أعضاء اللجنة نفسهم يقوموا بترشيح أعمال فنية معينة عن طريق زيارة المعارض ومتابعة الأحداث الفنية. وأحيانًا إحنا هنا كإدارة المتحف، بنطلب من اللجنة توصيات تعزيز بأسماء بعض الفنانين أو الأعمال الفنية التي يتطلب إليها سياق العرض المتحفي، طبعًا كلما أمكن ذلك. ا

فيه نقطة هنا تخص سياسة عمل «لجنة المقتنيات»، وهي إن القيمة الفنية ليست المعيار الوحيد للاقتناء. ولكن جزء من معايير الاقتناء يأتي من مسؤولية دعم المشهد الفني عن طريق تقديم الدعم المادي والتضامن الاجتماعي للفنانين من أجل المساهمة في استمراريتهم. ا

أ.ش.حسن: طيب عندي سؤال أكثر تفصيلًا، هل «لجنة المقتنيات» لديها منهج واضح ومُعلن في عملية الاختيار؟

إ.نبيل: لأ ده بيرجع لطبيعة كل لجنة، لأن فترة عملها سنتين وبتتغير وييجي غيرها. ا

أ.ش.حسن: طبعًا التغيير ده أمر مفهوم، لكن محتاج أفهم أكتر هل فيه محاذير أو خطوط عريضة لعدم اقتناء أعمال فنية ما؟ يعني مثلًا هل سبق وقامت اللجنة باقتناء أعمال فنية معروضة في جاليريهات خاصة أو مؤسسات مستقلة زي «جاليري تاون هاوس» (سابقًا) أو «مركز الصورة المعاصرة» أو «مدرار للفن المعاصر»... أو غيرهم؟

إ.نبيل: لجنة المقتنيات لا تتعامل مع جهات ولكنها تتعامل مع فنانين، لا يعنيها هو عارض فين لكن يخصها هو عارض إيه، بمعنى أن اللجنة لا تتعامل مع وسطاء. وفيه نقطة مهمة، طبيعة عمل اللجنة لا تقتصر على العاصمة فقط ولكن بنتكلم عن كل المعارض الفنية اللي بتقام في الجمهورية كلها. ا

أ.ش.حسن: طيب، ماذا لو تم إخبارك من لجنة المقتنيات بأنهم قاموا بإقتناء عمل فني وسيط عرضه فيديو، فيديو آرت يعني؟

إ.نبيل: ده مش هيحصل أبدًا! ا

لأن ديه نقطة أنا شخصيًا اتكلمت فيها في ٢٠١٢ لما كنت عضوة في «لجنة الفنون التشكيلية» في المجلس الأعلى للثقافة. وهي إننا نبادر بشراء حقوق عرض هذه النوعية من الأعمال ونحصل على نسخ منها وبعدين نشوف إمكانية عرضها. ودي كانت الفكرة إننا نحصل على أعمال تدفعنا لتأسيس متحف للفن المعاصر. لكن جاء الرد وقتها من الدكتور أحمد نوار (رئيس اللجنة) إنه مش هاينفع نشتري أعمال معندناش إمكانية لعرضها، بمعنى إن لما نبقى نفتح متحف للفن المعاصر نبقى نشتري. ا


وبينما كنا غارقين في خضم حديثنا قاطعنا أمن المتحف مشيرًا إلى أن الوقت الباقي على موعد الإغلاق اليومي لا يتجاوز العشر دقائق، لذلك علينا المغادرة. فكما تصورت؛ هذا المتحف لن تكفيه جولة مدتها ثلاث ساعات فقط، حقًا كان من الخطأ قدومي متأخرًا هكذا! ا


الهوامش ١        من قبل كان يدعى مبنى سراي ٣ أو السراي الكبرى، أنشئ في عام ١٩٣٦ بتكليف من الملك فؤاد الأول بهدف تقديم أنشطة ثقافية وفنية ومتحفية مجمعة. وبعد ثورة يوليو ١٩٢٥ أصبح مخصصًا لاستضافة العروض الصناعية في هذه الساحة الكبيرة التي كانت وقتها تسمى أرض المعارض. وهذا قبل أن ينتقل ويتحول المبنى إلى مقر نهائي للمتحف بعد رحلة كبيرة وشاقة من التنقل بين الأبنية التي عرضته لكثير من التغيرات. بدأت الفكرة الأولى لإقامة متحف لمقتنيات الفن الحديث في مصر عام ١٩٢٥ بمبادرة من محمد محمود خليل (١٨٧٧-١٩٥٣) رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة وبالتعاون مع وزارة المعارف. حينها خصصت قاعة لهذا الغرض في جمعية محبي الفنون الجميلة في مقرها السابق بسراى تيجران شارع إبراهيم باشا (الجمهورية حاليًا) في وسط القاهرة. وظل المتحف في موقعه هذا إلى أن قامت وزارة المعارف عام ١٩٢٨ بإنشاء «مراقبة/ إدارة الفنون الجميلة»، والتي قامت بدورها لاحقًا بالتخطيط للمتحف ككيان مستقل منفصل عن جمعية محبي الفنون الجميلة. ففي عام ١٩٣١ تم استئجار سراي موصيري في ملتقى شارع ٢٦ يوليو مع شارع عماد الدين لتستضيف المتحف. ولسبب ما انتقل منها في عام ١٩٣٦ إلى سراي البستان بميدان التحرير (مكان مبنى الجامعة العربية الحالي). ثم توالى بعد ذلك انتقاله بين العديد من المقرات المؤقتة، مثل قصر الكونت زغيب في شارع قصر النيل عام ١٩٤٩. وظلت أبوابه مفتوحةً أمام الجمهور إلى أن أغلق المتحف وخزنت مقتنياته في عام ١٩٦٣، ثم هدم المبنى في العام التالي وأقيم مكانه فندق. في أثناء ذلك نُقِلت محتويات المتحف إلى فيلا رقم ١٨ بشارع إسماعيل باشا أبو الفتوح في ميدان فني بحي الدقي كآخر مقر مؤقت، والتي كانت بمثابة مخزن للمقتنيات أكثر من كونها متحف للعرض. وظل في هذا الوضع إلى أن تم نقله في عام ١٩٨٣ إلى مقره الحالي. ا


  ٢        تتكون لجنة توصيف الأعمال من أ.د/ حمدى عبدالله (رئيس اللجنة) - أ.د/ أحمد عبد العزيز – أ.د/ شوقي معروف - أ.د/ عادل هارون – د/ فاطمة عبدالرحمن – أ/ أيمن لطفى – أ/ طارق مأمون (المدير السابق للمتحف) – وأخيرًا عضو في إدارة الترميم. ا


المصادر
حوار مع إيمان نبيل مديرة متحف الفن المصري الحديث، ٢٥ نوفمبر ٢٠٢١. ا ︎
كمال الملاخ، رشدي إسكندر، صبحي الشاروني، «٨٠ سنة من الفن»، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩١.ا︎
موقع السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية ︎
www.fineart.gov.eg
حمدي عبدالله (رئيس اللجنة العليا عن المتحف)، بيان حول إعادة افتتاح متحف الفن المصري الحديث، ا ︎
منشور على الصفحة الرسمية لمتحف الفن المصري الحديث على موقع فيس بوك، ١٦ ديسمبر ٢٠٢٠. ا
طارق مأمون (المدير السابق لمتحف الفن المصري الحديث ومنسق العرض المتحفي نوفمبر ٢٠٢٠)، متحف الفن المصري ︎
الحديث يقدم السؤال، منشور على الصفحة الرسمية لمتحف الفن المصري الحديث على موقع فيس بوك، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٠. ا
عباس محمود العقاد، «متحف مصري للتصوير: اقتراح على وزارة المعارف»، مقال نُشر في جريدة البلاغ بتاريخ ٣ أبريل ١٩٢٨، ا ︎
من كتاب ع. م. العقاد «مقالات نادرة في الفنون الجميلة»، جمع وتحقيق: علاء عبد الحميد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ٢٠٢٠. ا




أحمد شوقي حسن فنان وكاتب ، مواليد ١٩٨٩ بالإسماعيلية، مصر. تدرس ممارساته الفنية المتنوعة تأثير وتأثر الروايات الحالية والتاريخية للفنون على تكوين صورة الفن الرائجة، عن طريق التحقيق في مظاهرها وانتشارها في المجال الفني، من خلال انتاجه للنصوص والمجسمات والفيديوهات والصور الفوتوغرافية والرسوم... وغيرها. يدعو المشاهد إلى استكشاف هذه الروايات المخفية وغير الرسمية في الجاليري والاستوديو والمتحف. أثناء التساؤل عن أدوار القيِّم الفني والفنان والمشاهد على أنها جميعًا متواطئة في الافتراضات المسبقة حول صورة العمل الفني وفضاء عرضه. نشر شوقي حسن مؤخرًا كتابه الأول «متحف الفيديو». حصل شوقي حسن على درجة البكالوريوس من كلية التربية الفنية في جامعة حلوان بالقاهرة عام ٢٠١١. عمل مديراً مشاركاً لمشروع «محاولون» (مجموعة بحثية مكرسة للبحث والتأمل في تاريخ الفن المعاصر في مصر) بين عامي ٢٠١٦ - ٢٠١٧. ا


 🇵🇸 We Will Not Stand by in Silence: ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories ✦ 🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction ✦  🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate.
🇵🇸We Will Not Stand by in Silence:  ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction  ✦  🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate.