حليم رمسيس

خرج معرض «فاروق إبراهيم: الأسطورة» من دايرة رواد المعارض المعتادين وقدر يجذب جمهور أكبر ويوصل لمساحات على الإنترنت عادةً مبتوصلهاش معارض الفوتوغرافيا. تفاعلي الأول مع المعرض كان من خلال الصور اللي متصورة للصور المعروضة اللي إنتشرت على الإنترنت، ومن خلالها كونت إنطباع أولي. لحد ما زرت المعرض ولقيت نفسى واقف قدام صورة مختلفة عن اللي تفاعلت معاها على الإنترنت، بمدلول وسياق مختلف تمامًا.ا

خلال المراجعة حابب أفرق بين صورة فاروق إبراهيم المطبوعة في مجلة أو جورنال، وما بين صورة متبروزة داخل المعرض، وما بين صورة الصورة المتبروزة المنشورة على السوشيال ميديا، وما بين صورة لشخص متصور مع الصورة المتبروزة. فلكل صورة حياة ومدلول وسياق مختلف عن التاني. ا

مع كل إعادة نشر لصورة متصورة من المعرض، كانت الصورة بتخرج عن سياق المعرض الأصلي حتى وصلت بسرعة رهيبة لبوستات مستقلة تمامًا عن المعرض. غياب السياق الأصلي للصورة وصعوبة تتبعها للمعرض قدر يسهل إضافة معاني جديدة ليها. وبكدة فعل إعادة النشر كان قادر يسلب الصور من سياق المعرض. ده خلاني أفكر؛ هل المعرض بشكله اللي خرج بيه كان خطوة لسلب صور فاروق إبراهيم من سياقها الأساسي؟

إختلفت أشكال التفاعل مع المعرض، البعض حب «يقتني» الصورة بتصويرها من جديد مع محاولة عدم إظهار البرواز أو حيطة قاعة العرض في الصورة، وفيه اللي اتحمس أن هو أو هي يتصوروا مع الصورة. المعرض قدر يثير مشاعر اختلفت بين ميمز على السوشيال ميديا وما بين مشاعر شديدة الغضب وصلت لحد الدبدبة على الأرض. هنا أنا مش بتساءل عن الأسباب اللي شجعت جمهور أكبر من الدايرة المعتادة للمعارض أنه يتفاعل مع المعرض—بالرغم من كونها نقطة مهم نقف عندها—ولكن بحاول أفكر في أشكال تفاعل الجمهور، وإزاي إستقبل الجمهور الأشخاص اللي طلوا علينا تاني من خلال الصور. وبتسأل هل هكون قاسي لو وصفت التفاعل اللي احتفى بيه المعرض إنه مبني على تفاعل لذاكرة نيوليبرالية؟

الذاكرة النيوليبرالية مبنية على سلب أو «تحرير» الذاكرة من سياقها الأصلي لتسهيل إضفاء معاني جديدة، والتعامل مع الماضي كسراب لامع لوقت ذهبي وأسطوري ومثالي. وفيه نقد عن فكرة سطو الفكر النيوليبرالي لما هو أبعد من الإقتصاد المباشر، ووصوله كفكر لممارساتنا اليومية وقدرته على تسليع المفاهيم والأشخاص وعلاقتنا بالوقت والذاكرة.ا

بالضرورة بنقرا الصورة من موقعنا في زمننا الحالي، وبالرغم من قدرة الصورة في المجلة بتذكيرنا بزمنها ولكن إحنا الاتنين موجودين في نفس الزمن والمنطق. ولكن الصورة في المعرض مش هي نفس الصورة اللي في المجلة، بالعكس هي صورة إتطبعت وإتولدت في سياق ومعنى جديد مخصوص للمعرض. ولكن بفكر في أشكال التفاعل مع الصور في المعرض، وإذا كانت مبنية على معاني تتسم بطابع فيه نوستالجيا لـ«زمن أسطوري». وبفكر في غياب نقط في سردية المعرض عن الصورة اللي بينتجها المصور الصحفي وعلاقتها بعالم الفن؛ إزاي كان فاروق إبراهيم نفسه بيعرف شغله الصحفي؟ إزاي كان القارئ بيستقبل التصوير الصحفي في مصر وقت مزاولة فاروق إبراهيم للتصوير الصحفي؟ وبفكر هل مدلول الصورة جوة مجلة مختلف عن جوة معرض فوتوغرافي؟ وإزاي كان بيتفاعل القارئ مع الصورة داخل المجلة؟ وعن استخدام تعبير«فتح الأرشيف» في نص المعرض، هل يجوز التفكير فيها مع صور بالفعل موجودة في مجلات مطبوعة؟ وعن وصف الصور بــ«الأسطورية»، إيه اللي بيخلي صورة أسطورية؟

بدعو للتفكير في أشكال تفاعل الجمهور وعلاقته بسردية المؤسسة عن المعرض اللي إتكونت سواء بفعل أو عدم فعل شئ. المراجعة مش بتحاول تنقد شغل قام بيه فرد، ولكن بتحاول تعلق على المؤسسة والسياق الأكبر اللي خرج منه المعرض، وعلى قدرة المعارض إنها تفلت من ردود فعل وتعليقات ومشاعر بتختلف في نوعها وشدتها، والتعليق على إحتفاء المؤسسة بنوع معين من التفاعل وسط غياب مساحات تقدر تتحرك فيها اشكال تانية من التفاعل.ا

نص المعرض بيشجعنا بلغة شديدة الحماسة على ضرورة دراسة «مدرسة تصوير فاروق إبراهيم». عندي توقع متشائم أن المعرض هو بداية من بدايات لتسليع الأرشيف دة وسط الشكل الحالي من إنتاج المعرفة وتعليم الفنون في مصر. لكن وبنبرة حماسية مماثلة بدعو لدراسة حيوات وتحركات أرشيف فاروق إبراهيم لإيماني بقدرته على أنه يوصلنا شكل المشهد الحالي والخطابات الفنية في مصر، يمكن أكتر من الزمن والأشخاص اللي بتحملهم صور فاروق إبراهيم.ا

لو مهتمة-م بالموضوع المطروح بنرشح قراية:ا