سارة المطلق




تُعرض النسخة الأولى من بينالي الفنون الإسلامية: أول بيت في الفترة من ٢٣ يناير ٢٠٢٣ إلى ٢٣ أبريل ٢٠٢٣ في صالة الحجاج بجدة. ويتألّف فريق القيّمين الفنيّين والإبداعيّين للنسخة الأولى من سمية فالي، د. سعد الراشد، د. أمنية عبد البر، د. جوليان رابي. الفنانون المشاركون؛ إيغشان آدامز، لين عجلان، ريم الفيصل، عادل القريشي، ناصر السالم، نورة السايح هولتروب، سارة العبدلي، رند العربي، نورة العيسى، معاذ العوفي، فرح بهبهاني، سلطان بن فهد، مبارك بوحشيشي، سارة براهيم، بريك لاب، لبنى شودري، العمارة المدنية، دال – مختبر الفن الرقمي، عبد الرحمن الشاهد، عالية فريد، بسمة فلمبان، إيهاب قرمازي، هارون جان – سالي، زياد جمال الدين، إدريس خان، ياسمين لاري، هدى لطفي، أحمد ماطر، هارون ميرزا، جوزيف نعمة، معتز نصر، بيا عثماني، يزيد أولاب، ٣٤ – شاهبور بويان، قمر الزمان شادين، وائل شوقي، مهند شونو، ديما سروجي، ستوديو باوند، سين معماريون، جيمس ويب، أيمن يسري ديدبان، أيمن زيداني، فتيحة الزموري، سكينة أبو العولى.ا


مع زوال ضجة التواصل الاجتماعي على أرض الواقع تحت المظلة الشفافة لصالة الحجاج، وجدنا أنفسنا - أو ربما أتحدث عن نفسي فقط - في حالة من الهذيان والإجهاد من الحديث والمعانى الضبابية، وبالرغم من ذلك لا يزال بينالي الفنون الإسلامية قائمًا. الحدث الافتتاحي السعودي هو موضوع متنازع عليه بقدر ما هو تجربة حسية.يتأرجح المرء بين إيقاعات البطء التي تدعو إليها مظلة التفلون البيج الناعم، والطنين التأملي لمشهد فني معاصر حريص على الهضم والثرثرة والتنبؤ. إذا كنت صامتًا بما فيه الكفاية خلال التمشية في صالات العرض الخمس التي صممها «مكتب متروبوليتان للعمارة»، أو بين حماقات الأعمال المعمارية التأملية في الخارج، يمكن للمرء أن يسمع الطنين الذي أحدثه الآلاف من الخطوات المتسارعة التي تتسابق إلى مكة. إذا كان الفضاء حاضن لذاكرة جماعية، وإذا كانت تقاليد المجتمعات محتفظ بها ضمن الوحدات المادية لعالمنا، فإن
صالة الحجاج التي صممها «سكيدمور أووينجز وميريل» جعلت هذه العلاقة حية للغاية.ا



من العنوان إلى الموقع، ينطلق بينالي الفنون الإسلامية على مهمة صعبة تتمثل في إعادة تشكيل المفهوم الغربي «للفن الإسلامي» من خلال استعادة المصطلح وخياله العام. لم يكن هذا عرض استعادي عن أصل الإسلام الذي كونته مؤسسة استعمارية في النصف الغربي للكرة الأرضية، بل كان تصريحاً من قبل المجتمع الإسلامي نفسه، عن إطار موروث. رأى العالم الإسلامي بجانب العالم الغربي القطع الفنية في المعرض—المعاصرة والتاريخية—بنظرة يوم الحساب. يدق الهواء بصدى السؤال الذي عفا عليه الزمن (ولكن حاضر بقوة) «ما هو الفن الإسلامي على أي حال، ولما يهم  ذلك في عام ٢٠٢٣؟».ا
.الليلة الافتتاحية لبينالي الفنون الإسلامية. تصوير: ماركو كابيليتي


قبل الكشف عن الفروق الدقيقة والنجاح والفشل في تناقض بينالي الفنون الإسلامية؛ يجب أن نأخذ في الاعتبار قوة المنظور التي تضع البينالي في مساحة من متطلبات الحج الإسلامي. في مشاهدة البينالي، كمبنى ومعرض، تشغلك إشارات إلى الإخلاص الوطني وكرم الضيافة. ولدت صالة الحجاج—التي أطلق عليها «سكيدمور أووينجز وميريل» اسم «بوابة مكة»—ونظيرتها المعاصرة معرض «أول بيت» الافتتاحي في لحظات مماثلة في التاريخ الوطني. كانت صالة الحجاج، التي تم بناؤها خلال الطفرة النفطية الأولى في المملكة العربية السعودية، بمثابة تصور مادي لرؤية الأمة للضيافة الإسلامية. إن «أول بيت»، الذي تم افتتاحه ٥٠ عامًا بعد ذلك، في أجواء مماثلة من النشاط الثوري، يمد هذه الضيافة الإسلامية إلى الممارسة الإبداعية كعمل روحي وموحد. كلتا اللحظتين تدعم الهوية الوطنية السعودية كشخصية الأب، حضن ترحيبي تقي لمجتمعات الحجاج ونظرائهم المبدعين. ا

كان للمبنى معنى آخر أيضًا، فقد كان تذكير مستمر، عندما تتمعن في «الفن الإسلامي»، بأن الإسلام كممارسة وشعائر وكعمل أدائي ألا وهو حضور جسدي في حياة مجتمعاته اليوم كما كان منذ ٢٠٠ عام. هنا، الذاكرة الجماعية المتجسدة في الفضاء، وهي ذاكرة ممارسة الحج والرحلة الروحية، تذكرنا بالواقع الاسر لوجود الإسلام في حياتنا، حيث نحاول تشريح هويتنا الإسلامية في الممارسة الإبداعية. ا


مقتطف الصورة من الفيديو الترويجي لصالة الحجاج بواسطة سكيدمور وأوينجز وميريل.ا

يجد المرء إحساسًا راديكاليًا في نية استعادة الهوية الإسلامية في الممارسة الإبداعية تحت كل الفروق الدقيقة التي عرضها القيمون الفنيون والاستراتيجيين الثقافيين والفنانين. يتردد صدى همسات ناصر الرباط في الأعمال الفنية بحثًا عن المستشرق في الإسلام، والإسلامي في الأداء. تعمل التكليفات المعاصرة لفنانين مثل جو نعمة وسارة العبدلي على تطوير معنى الفن الإسلامي بعيدًا عن الفكرة والرمز، نحو الشعائري وما يحركه الهوية والتأملي. باستخدام الأدوات المعاصرة مع الفنون التقنية وفنون الأرشفة والفوتوغرافيا والفن المفاهيمي، استطاع الفنانون العارضون في الحدث الافتتاحي الهروب من السرد المستشرق للهيئة والشكل والفكرة والرمز، نحو فهم أعمق للشعائر والهوية والمجتمع والتقوى. ا


في إطار البينالي الذي يضم أكثر من ٤٠٠ عمل فني معاصر وقطع أثرية تاريخية، فإن اقتران العمل الصوتي «كوزميك بريث (نفس كوني)» لجو نعمة مع عمل «إبيفامانيا: النور الأول» لنورة السايح بإسقاطاته الضبابية هي شهادة على نجاح تجربة تنظيم المعرض. يعكس جو نعمة استخدام الأدوات التقنية في الأداء الشعائري، من خلال تركيب ١٨ مكبر صوت يردد صداها مع الأذان، الذي يجتاز  ١٨ موقعًا جغرافيًا و٢٠٠ عام من العبادة الإسلامية. يتردد صدى الأجزاء الصوتية على واجهة العروض الفوتوغرافية التي قدمتها نورة السايح، مما يضفي على صفاتها الضبابية إحساسًا بالحياة والإيقاع. إن الوقوف في المساحة الدائرية بين أعمال جو ونورة يشعرك بسكون مساحة للممارسة الروحية، مساحة الكعبة.ا
جو نعمة، «كوزميك بريث (نفس كوني)»، في بينالي الفنون الإسلامية ، ٢٠٢٣. الصورة: مؤسسة بينالي الدرعية.ا


إذا اخترق جو نعمة ما هو تكنولوجي في عمله الإبداعي، فإن عمل سارة العبدلي «بعد الهجرة» يخترق ما هو أرشيفي. يقع العمل في نهاية صالة واحد، بين الكتب المقدسة التاريخية والأعمال الجنائزية المجسدة لهارون جان – سالي، ويعيد القيمون الفنيون الحياة إلى بقايا الموت الأركيولوجية (الأضرحة البازلتية من مقبرة المعلاة بمكة المكرمة) الذي يستحضره عمل سارة العبدلي: تركيب من مقاطع صوت شفوية تروي التاريخ الشخصي للمتوفون. هنا، يتم إستحضار الصمت، من خلال التصميم السينوغرافي لمقبرة داخل معرض بينالي، ومن خلال قدرة الفنانين والقيمين والمصممين السينوغرافيين على إحياء قطع أثرية تاريخية. ا

أخيرًا، يستحضر عمل وائل شوقي «في صوت المزدلفة» الجوانب الميتافيزيقية، العابرة، والتي لا توصف الممارسة الروحية ضمن مشهد بصري للقطع الصناعية. بالإشارة إلى ذكرى طفولته في مكة، تم وضع ثلاثة أعمدة إنارة معدنية في مشهد طبيعي من الرمال الهشة، وهي تتحرك مثل البندولات المقلوبة التي تربك مفاهيم الجاذبية والمعيارية لدى المشاهدين. بجانب «خطبة الجمعة» لنورة السايح، يبدو وكأن أعمدة الإنارة الصناعية تتأرجح على إيقاعات خطب الجمعة وتتحدث إلى المشهد الزمني للمزدلفة. ا


وائل شوقي، «في صوت المزدلفة» في بينالي الفنون الإسلامية ٢٠٢٣، الصورة: مؤسسة بينالي الدرعية.ا
أضرحة تعود إلى ما قبل القرن السادس عشر من مقبرة المعلاة في مكة إلى جانب العمل «بعد الهجرة» لسارة العبدلي.ا


هذا الفهم لقوة ما هو أدائي داخل «الفن الإسلامي»، له معنى أعمق لطول عمر «بينالي الفن الإسلامي»، من خلال ربط الفن الإسلامي بما هو شعائري وأدائي وجماعي؛ يولد منبع من تأملات المستقبل. على عكس الديانات الإبراهيمية الأخرى، فإن الإسلام كممارسة يومية له جذور عميقة في حياة المؤمنين به. حتى يومنا هذا، لا تزال المساجد تضيف إلى مجموعة أصوات الأذان الأرشيفية، ولا يزال المسلمون حجاجًا، ولا تزال الأغنام حلالًا، ولا تزال المجتمعات مرتبطة بإحساسها بالهوية الإسلامية. يشير هذا إلى أن مصدر الإلهام والتكهن والنقد والتحصيل في العالم الإسلامي غير مرتبط بإمكانية ابتكار العديد من المقترحات التنسيقية، من عادات الطهي إلى الأزياء المحتشمة. ا

أخيرًا ، قد يكون نجاح بينالي فنون إسلامية في عام ٢٠٢٣ مصادفة توحد فيها الفن المفاهيمي وحيوية ما بعد الاستعمار. الفن المفاهيمي، بتركيزه على الأفكار والمواد البحثية، دفع المجتمعات من جميع أنحاء العالم لاستعادة سلطة على الهوية والفكر السياسي الخاص بهم، المستشرق أو غير ذلك. هذا يطرح، في فعل من التمكين الملتوي، مفارقة يتم فيها تسليح ما ولده المضطهد نفسه، الفن المفاهيمي، لإبطال ذلك الاضطهاد، المفاهيم الاستعمارية مثل الفن الإسلامي. في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تأخذ هويات انستاجرام مساحة ذهنية أكبر من الهويات المجتمعية، سؤال «ما هو الفن الإسلامي؟» فيما يتعلق بالإطار الاستشراقي لم يعد مهمًا. بدلاً من ذلك، أود طرح بيانًا مفاده أن الفن الإسلامي هو مجرد وعاء لجميع الممارسات الإبداعية التي تتكهن أو تفكك أو تتسائل أو تبرز أو تمثل العادات الثقافية أو الممارسات الروحية أو الدوافع التكنولوجية أو سرديات الهوية لمجتمع من الناس الذين يطلقون على أنفسهم «مسلمون»، وبالتالي يستعيدون ملكية ما يبدو عليه «فن إسلامي». ا


ا*نُشرت المراجعة بالإنجليزية أولًا على موقع «هابتيك فانتازيا» في ٢١ فبراير ٢٠٢٣، ونقوم بإعادة نشرها على موقع كو-ليكتيف بالإضافة إلى ترجمتها إلى العربية. ا


سارة المطلق، كاتبة وفنانة وقيمة فنية سعودية تعيش في مدينة الرياض. يتضمن عملها المهني تطوير استراتيجيات وتصاميم للبنية التحتية الثقافية في المملكة العربية السعودية من خلال الأصول الثقافية كالمتاحف والمراكز والبرامج الثقافية. حصلت على درجة الماجستير في الهندسة المعمارية من جامعة كولومبيا في عام ٢٠٢٠ وهي حاليًا فنانة مقيمة في برنامج مسك السادس تحت مسمى «مساحة».ا


 🇵🇸 We Will Not Stand by in Silence: ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories ✦ 🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction ✦ 🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate. Arab Artists Now: A Tale Makes a Turn: Feminist Legacies Open Call for Artists
🇵🇸 We Will Not Stand by in Silence:  ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction  ✦  🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate. Arab Artists Now: A Tale Makes a Turn: Feminist Legacies Open Call for Artists  ✦