دينا جريديني





ا«قشر البندق» هو معرض جماعي يضم أعمال لهاني راشد وياسمين المليجي وعلاء عبد الحميد وأحمد شوقي حسن، والذي يقام في جاليري أكسيس في وسط البلد، القاهرة، من ١٥ مايو إلى ١٥ يونيو ٢٠٢٢.ا


من خلال النظر إلى هذا المعرض، قابلني الكثير من المراجع (والمرجعية)؛ وفرة من المساحة المادية؛ من الفائض العاطفي والتأثيري. وبالرغم من أن ما جذبني إلى هذا المعرض الذي نظمه الفنانون بأنفسهم هو الوفرة، إلا أنها ساهمت أيضًا في تشكيل صدة عدائية. وبرغم ذلك، مضيت قدمًا. ومن هذا الموقف الأولي تشكلت بعض الملاحظات والإدراكات.ا

أولاً، يستخدم كل فنان المساحة بشكل متعمد وبقدر من الحرية التي يمكن فقط ان تتوافر عندما يكون الفنان أو يبدو أنه في مفترق طرق مفاهيمي داخل عمله. ثانيًا، أنه عند الفحص الدقيق، شعرت بنوعًا من الاشتياق، حاضر ومشترك بين أعمال الفنانين الأربعة. ا

تستضيف الغرفة الأولى ثلاثة أعمال فنية لأحمد شوقي حسن، الذي لديه ممارسة مستمرة في نقد طرق التمثيل المؤسسي. عند الاشتباك مع عمله الأخير، يدرك المرء فورًا انها لغة الإنترنت البصرية، التي تتمثل في غرف الدردشة واللوحات والصور المتحركة. ا

تجلس الأعمال الفنية جنبًا إلى جنب في تشكيلة ألوان منسقة من الأزرق والرمادي والأحمر والأصفر. تم أختيار رموز الألوان السداسية الخاصة بهم مباشرة من اللوائح والألوان الرسمية لدور المزادات والمتاحف الكبيرة، التي يقوم الفنان نفسه بتشريحها. ا



.برجاء لمس التاريخ بعناية»، ٢٠٢٢»

.كيف تصبح جمهورًا قياسيًا؟»، ٢٠٢٢»


في «كيف تصبح جمهورًا قياسيًا؟» (٢٠٢٢) أجرى حسن محادثة افتراضية مع روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي. تحاول المحادثة التنقيب عن تلك المواصفات التي تُنسب عادةً إلى صور المخزون الذي يجده أعضاء الجمهور على صفحات الانستجرام الخاصة بمساحات العرض. بمجرد السؤال عن كيف يصبح المرء عضوًا في الجمهور القياسي، يكشف حسن قائمة من الإجابات المعقدة، تتوج بالغرض الذي يصفه الروبوت من تيسير عملية «شراء» العمل الفني. تساؤلًا عن دور الجمهور داخل هذه المؤسسات، يحقق حسن ذلك علاوةً من خلال سلسلة من «أوجد الاختلافات» التي تصور اغتيال أندريه كارلوف، السفير الروسي في تركيا خلال افتتاح معرض. من خلال تقديم مشاركة وحضور الجمهور كشكل أساسي من أشكال العمل، يلجأ حسن الآن إلى لغة التمثيل البصري التي تستخدم لاستهداف هؤلاء العمال الأساسيين. في «برجاء لمس التاريخ بعناية»، أعاد تأطير صورة مخزونة بها مسئول فني يرتدي قفازات بيضاء والتي قد غمرت حسابات الانستجرام الخاصة بالمؤسسات الكبرى في حلقة لا نهائية من الالتهام الذاتى.ا

يبدو أن اهتمامات حسن قد تغيرت من السياق المصري والتماثلي والمؤسسي، إلى مقاربة لامركزية ورقمية تتبع مبدأ «النظرة كسياق» بشكل متزايد. إنه يهتم حاليًا بنقد سوق الفن «المعولم» الذي يتحكم فيه عدد قليل من اللاعبين الرئيسيين ووجودهم المعاصر في الغالب عبر الإنترنت، ويديره مسئولي الحسابات والفئة المخترعة حديثًا من المديرين التنفيذيين لوسائل التواصل الاجتماعي. يتساءل حسن عن ماهية القيمة التي يستمدها هذا السوق من عمل الجمهور غير المأجور؟



في الغرفة الثانية والثالثة، يصنع هاني راشد تجربة عرض مختلفة تمامًا. تُعرض الميمز من الأرض للسقف، والتي تم رسمها بضربات سميكة من طلاء الأكريليك التي تثير الصدمة والتقلب، ومعظمها به نصوص مرسومة على الصورة للتمهيد. بعضها صغير، وبعضها بحجم النوافذ الكبيرة، واللوحات مليئة بالصور والإشارات إلى الثقافة الشعبية، من فيلم «بي موڤي (فيلم النحل)» إلى صور منفرة للأطفال من الإنترنت، وملصقات تطبيق فيسبوك ماسينجر. عبارات ميمز مثل «يا رب الشغل يموت»، «صباحكم جميل» تطلق ذكريات فترة كان فيها إظهار التعاطف الجماعي المشترك حول الوضع الراهن شيء جديد على الإنترنت، وكان ما يزال به شيء من التحرر المعلن.ا
جزء من أعمال هاني راشد


يبدو أن راشد يحاول فعل شيئًا هنا يكاد يكون غير احتفالي. هل يبحث عن الحنين إلى الماضي؟ أم أن هذا مظهر من مظاهر الدافع الأرشيفي الروتيني؟ وباختلاط الصدق والسخرية معًا، فقد صادفني مجموعة جديدة تمامًا من الأسئلة؛ هل هذه الأعمال الفنية حقًا نقطة استطرادية أخيرة؟ رغبة في تسمية الشيء ما هو عليه؟ عندما يكون من السهل جدًا خلق أقران هذه الأعمال الرقمية، بحيث يمكن إنتاجهم بالملايين وبسرعات لا يمكن فهمها، فماذا قد يعني هذا امام ما نصنعه؟

لقد كانت مفاجأة سارة لي عندما بدأت أن الاحظ الأعمال الفنية تم إعادة تقديمها في المجال الرقمي عبر سلسلة من المنشورات على الإنستجرام. بصفته فنانًا تتكون ممارسته في آن واحد من مسرحين مميزين: المسرح الرقمي، ومساحة العرض الأكثر تقليدية، فليس غريبًا على راشد أن يربط أعماله بشبكة الإنترنت وخارجها.. وهكذا أصبح تواجد الأعمال الفنية على الإنترنت جزءًا من العمل بالنسبة لي. تذكير بأنه بمجرد إعادة إنتاج أداة من الإنترنت، لا تظل ثابتة.ا


في الغرفة الرابعة، يمكنك أن تجد «ستمائة وأربعة وسبعون شكلًا وتنين» (٢٠٢٢) لياسمين المليجي. جزء من اللقطات الأرشيفية، نسجت المليجي سردًا للتاريخ والحرف والعمل والتمثيل. عندما صادفت مقطع فيديو للاحتجاجات عام ٢٠١٣ ضد عمالقة الكيماويات الزراعية «مونسانتو»، بدأت الأسئلة تتوافد للمليجي. من خلال رؤية الروابط بين روح المظاهرات وعملها السابق في مشروع «مزارع المستقبل» (٢٠١٣ – الحاضر)، بدأت المليجي العمل.ا



.ستمائة وأربعة وسبعون شكلًا وتنين»، ٢٠٢٢»


تقدم «ستمائة وأربعة وسبعون شكلًا وتنين» قصة مفككة عن احتكار ٦٧٤ بذرة معدلة وراثيًا من قبل تنين ورقي عملاق. بعد إعادة التشكيل والطلاء ليشبه العمل اللافتات الانتخابية، تقطع المليجي القماش إلى عشرات القطع الصغيرة، وتعيد تأطيرهم لإضافة تأثير درامي. اختيارها للعرض به دلالة على فشل مثل هذه الصرخات ضد السلطات الاحتكارية، حيث تصطف الإطارات عموديًا على الجدران داخل أطر بيضاء ثابتة، غير معلقة. تنسب المليجي اللغة البصرية لهذه اللافتات بالكامل إلى رجل واحد: مصطفى القاضي، صانع اللافتات، حيث يمارس ويحافظ على تقليد طويل الأمد في صناعة اللافتات في مصر.ا

غالبًا ما تهتم المليجي في أعمالها بحفظ ممارسات الآخرين كنوع من الرعاية. عملت سابقًا مع صانعي التماثيل البرونزية، وأصحاب الصيدليات، والآن صانع اللافتات. يمكن اعتبار ممارستها المتمثلة في إحياء منهجيات عمل هؤلاء الأشخاص بمثابة تكريم للتاريخ، ووظائفهم التي كانت ضرورية في السابق. وبينما كانت بدايات «مزارع المستقبل» تركز على تعليق على الخطوات الخاطئة من قبل السلطة–من تحديد ما نأكله، لاتخاذ قرارات سيئة تتعلق بالنظافة العامة والصحية لمجموعات سكانية بأكملها–في الحفاظ على ممارسات أولئك الذين كان عملهم في يوم من الأيام هو ما ابقى السلطات تحت السيطرة، ولا يزال الأمر كذلك.ا


هناك إحساس غريب بالمساحة في الغرفة الخامسة والأخيرة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى ظهور جدران من الطوب العاري، وجزئيًا بسبب شيء آخر. عمل مركب من ٣٩ وعاءً ملونًا بعنوان «أتمنى أن أتحمل هذه الجماليات البشعة» (٢٠٢٢–٢٠١٤) يقع على الأرض في رقعة مستطيلة من الرمال الصفراء، والوعاء الأربعون معلق وحده على الجدار المجاور. يركز عمل علاء عبد الحميد على نقد المفاهيم المعاصرة البدائية. فمجموعته من الأطباق المبتذلة تلمح لما يعتبره الفنان «بيانًا عن جماليات سوق الفن المصري». مع أُلوهيّة النقاء الجوهري لسوق الفن، فإن جماليات النمط البدائي الناتجة تتطلب مواجهتها؛ من قبل فنانيها، كأعضاء ومنتجين في هذا السوق. من خلال الاضطرار إلى مواجهة هذه الجماليات المهيمنة، وجد عبد الحميد نفسه يصنع هذه الأوعية على هامش عمله الفني اليومي.ا

.أتمنى أن أتحمل هذه الجماليات البشعة»، ٢٠٢٢»


على الرغم من المفاهيم السائدة حول الجماليات البدائية باعتبارها إشكالية، والتي نشأت عن طريق الإمبريالية الغربية والتي يصحبها غالبًا دلالات عنصرية، احتضن عبد الحميد العمل، قائلاً: «بطريقة ما، يدور العمل حول كيفية التصالح مع العمل، والشعور بأنه ليس ملكي.» العمل يرحب بالنقد، مما يخلق رد فعل منفر إلى حد ما، وهو ما يتبناه. «أتمنى أن أتحمل هذه الجماليات البشعة» هو عمل يسلم بفاعلية اسمه.ا

ما أجده مشتركًا بين جميع الأعمال الفنية في هذا المعرض هو نوع من الاندفاع نحو الجمود؛ الرغبة في إلقاء نظرة استطرادية إلى الوراء على ماضٍ لا يزال حياً ومتغيراً. سواء من خلال سهولة ترحيب الوضع الراهن وتحويله إلى نوع من المكائد لانتقاد النظام من الداخل، أو باستخدام أدواته التمثيلية لتحويل التحيزات الضمنية بشكل صريح. إذا كان هناك أي تواطؤ حقيقي هنا، فقد يكون ذلك بسبب طبيعة تواطؤ السوق الذي يجد هؤلاء الفنانون أنفسهم جزء منه، حيث يتحول إشتايقهم للفعالية إلى شيء ملموس وغالبًا ما يكون ملونًا؛ تحية لأرشيف حي. ا



دينا جريديني، فنانة بصرية وكاتبة وقيّمة معارض تقيم في القاهرة، مصر. يستكشف عملهم ترجمة المعلومات إلى شكل مادي كصفة عالمية للعالم العقلي والمادي. ممارستهم متعددة التخصصات، باستخدام النصوص والفنون ثلاثية الأبعاد والأداء والصوت والرسم وأعمال الخشب والنحت.ا


 🇵🇸 We Will Not Stand by in Silence: ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories ✦ 🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction ✦  🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate.
🇵🇸We Will Not Stand by in Silence:  ︎︎︎ Read the Statement & Add your Name to the Signatories🇵🇸 Read the latest text by Karim Kattan, At the Threshold of Humanity: Gaza is not an Abstraction  ✦  🇵🇸 Visit our page Resources for Palestine for a compilation of texts, films, podcasts, statements and ways to donate.